الثلاثاء، 1 نوفمبر 2011

لكي يروا أعمالكم الحسنة


رسالتي موجهة بالأساس لإخوتي المسيحيين ولكن مرحبا بكل قارئ من ديانة أخري


وليام ويلبرفورس

كان ويليام ويلبرفورس سيايا بريطانيا درس في جامعة كمبريدج ، وكان عضوا في البرلمان الإنجليزي عن يوركشر ، حاول ويلبرفورس تمرير مشروع قانون محاربة تجارة الرق – العبيد – من خلال كونه عضوا في البرلمان ، فشلت محاولاته أكثر من مرة لكنه لم ييأس وأستمر في نشر الوعي عند باقي الشعب عن طريق التجول في أنحاء بريطانيا هو وأعضاء حملته لكي يقنعوا الشعب بأن هذه التجارة الوحشية ضد حقوق وكرامة الإنسان ، بدأ الشعب يضغط علي أعضاء البرلمان البريطاني الإقطاعيين الأثرياء الذي كان معظمهم من أصحاب هذه التجارة ، فقد كانوا يمتلكون العديد من سفن الرقيق ومصانع السكر التي كان يعمل بها الرقيق ويعاملوا معاملة غير أدمية .


كان العبيد السود ياتوا من أفريقيا مشحونين في سفن تبحر لأكثر من 3 أسابيع ، كانو يقيدوا بسلاسل من أيديهم وأرجلهم ورقابهم ، لم يكتفي ويليام ويلبرفورس بان يرفض تجارة الرقيق أو أن يصلي من أجل ان يتدخل الله ويوقفها لكنه سعي بنفسه وبعمله ليضع حد لهذه التجارة ، وقاد حملة واسعة بالإشتراك مع بعض المحاميين ورجال الدين المهتمين بتلك القضية مثل توماس كلاركسون .
كان ويليام ويلبرفورس متبرعا سخيا وكان دائما يفتح منزله للغرباء ، وظل يحارب من أجل قضيته إيمانا بمبادئ الحرية والمساواة ومحبة الأخر التي تعلمها من كونه مسيحيا إنجيليا مؤمنا ، لم يتسائل ويليام ويلبرفورس كثيرا عن ديانة العبيد أو معتقداتهم الدينية ... في الحقيقة كان معظمهم بطبيعة حياتهم في غابات أفريقيا عبدة أوثان ولا يعرفوا شيئا عن المسيحية ... لكنه إهتم بهم وأحبهم وسعي بكل ما يملك للدفاع عن حقهم في الحرية وفي المعاملة بإنسانية ... وقف ويليام ويلبرفورس في وجه المتدينين الإنجليز من كانوا يفهمون المسيحية بشكل خاطئ ودافعوا عن حقهم في تجارة العبيد من منطلق فكري كان يبدوا سياسيا ومنطقيا مقنع .. إذ كانت أمريكا في ذلك الوقت تسعي لثورة وكانت فرنسا تهدد بالحرب وكان إيقاف تجارة العبيد سيؤثر سلبا علي الإقتصاد في إنجلترا ... لكن ويلبرفورس واجه كل هذا من منطلق إيمانه بالحرية والمحبة وكونه مسيحيا مؤمنا .

في سنة 1807 خرج أخيرا قانون من البرلمان بمنع تجارة الرقيق في إنجلترا .. تخيل لو لم يكن ويلبرفورس تحدي القوانين وقتها وتحدي الرياسات والسلاطين وقبع في مكانه ولم يطالب بإيقاف تجارة الرقيق ... ما الشكل الذي كان سيصبح عليه العالم الان ؟

لم يكن ويليام ويلبلفورس مناهضا لتجارة الرقيق فقط ... بل كان مشاركا أيضا في حملات دعم التعليم والصحة العامة .


مارتن لوثر كينج

قس إنجيلي وناشط إنساني وحقوقي ... ولد في أتلانتا عام 1929 وبدأ حياته في مونتجمري وحارب العنصرية وإضطهاد السود في أمريكا بالسياسة السلمية ( اللاعنفية ) وقام بمسيرات ومظاهرات وعبأ الجماهير ضد الحكومة الظالمة حتي يحقق المساواة بين السود والبيض في امريكا .

-        مارتن لوثر كينج دعا لمقاطعة أتوبيسات النقل العام التي كان يمارس فيها تفرقة بين السود والبيض وإزلال في المعاملة وتفرقة عنصرية ... وبالفعل قاطع السود الأتوبيسات العامة وألحقوا بها خسائر مالية كبيرة حيث انهم كانوا يشكلوا 70 % من مستخدميها .
-        عندما قام السود بمظاهرات ومسيرات شعرت الحكومة الأمريكية بخطرهم واصدرت قانون منع الإعتصامات والمظاهرات ... وما كان من مارتن لوثر كينج إلا أن قاد بنفسه مظاهرة مكونة من ألف متظاهر إنتهت بحبسه في السجن .

-        في يونيو 1957 وجه مارتن لوثر خطابا شديدا يتهم فيه الأحزاب وينتقدهم حتي يمنحوا السود حق التصويت والإنتخاب ويتم مساواتهم بالمواطنين الأمريكيين البيض .
-        إتحد مارتن لوثر مع مالكولم إكس زعيم السود الأفارقة حتي يشكلوا أداة ضغط علي الحكومة ليتم منحهم حقوقهم وإنهاء حالة التفرقة العنصرية .
-        كان مارتن لوثر من مؤيدين الإضراب من أجل الحصول علي الحقوق وأيد العديد من الفئات التي أضربت من أجل الحصول علي حقوقها مثل إضراب جامعي النفايات .

مارتن لوثر كينج قتل نتيجة كفاحه السياسي والحقوقي من أجل حرية الإنسان وتحقيق المساواة ... كان كفاح مارتن لوثر نابعا من إيمانه بقوة المقاومة السلمية وإقتنع انها السبيل للضغط من أجل الحصول علي الحرية وكان دائم الإستشهاد بالأية التي قالها المسيح في الموعظة علي الجبل : أحبوا اعدائكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلي مبغضيكم وصلوا لأجل اللذين يسيئون إليكم ويطردونكم ( متي 5 : 43 )

لم يرفع مارتن لوثر سلاحا ورفض الإنتقام لنفسه ... في 30 يناير 1956 ألقي بعض اعدائه قنبلة علي بينته كادت ان تودي بحياة زوجته وإبنته ولكنه رفض الإنتقام ورفض أن يوافق العديد من أصدقائه الذين تجمعوا امام منزله مسلحين محاولين إقناعه بأن يقودهم لينتقموا له .

كان مارتن لوثر رجل دين مهتما بقضايا مجتمعه ... لم يحبس نفسه في كنيسته ويكتفي بتعليم أعضاء الكنيسة عن محبة المسيح نظريا بل نزل إلي الشارع وطبق عمليا حتي النهاية ... خرج ليلمس إحتياج مجتمعه ويحارب ويسجن في سبيل إشباع إحتياجات الأخرين .

من كلمات مارتن لوثر :
-        في النهاية لن نذكر كلمات أعدائنا بل صمت أصدقائنا .
-        الإيمان هو أن تأخذ الخطوة الأولي حتي ولو لم تستطع رؤية الدرج كله .
-        علينا أن نتعلم العيش معا كأخوة أو الفناء معا كأغبياء .


غاندي

الأسطورة غاندي ... درس القانون في إنجلترا عام 1882 وعاد للهند ليهتم بقضايا بلده وليحررها من الإحتلال البريطاني .
أسس حركة المقاومة السلمية اللاعنفية وقال عنها إن سياسة اللاعنف هي أقوي سلاح في تاريخ البشرية .
تأثر غاندي بكلام المسيح في الموعظة علي الجبل ( متي 5 ، 6 ، 7) وطبق الكثير من مبادئ المسيح السلمية ومبادئ محبة الأخر .

لم يكتفي غاندي بكونه رافضا للواقع الذي يعيشه لكنه بدأ بتنظيم مسيرات سميت بمسيرات الملح التي إمتدت لمسافة اكثر من 400 كم ... كان يقف بنفسه في الصفوف الأمامية في المظاهرات يتلقي الضربات ويصاب حتي يسجل إعتراضه .. كان يشارك في حملات لنشر الوعي والتعليم ونشر ثقافة الإضراب العام والعصيان المدني ، أختار غاندي حياة الفقر وإرتدي أبسط الثياب وعاش نباتيا حتي يختلط بأهل بلده الفقراء .

حارب غاندي المبشرين المسيحيين الإنجليز لأنهم رأي فيهم نفاقا وخلطا بين الدين والسياسة وإنتهازية مريرة ... كانوا يقومون بالتبشير والدعوة للمسيحية بينما أبناء جنسهم يقمعون الهنود ويقتلونهم ويستفيدوا من تعبهم وعرقهم ويأكلوا ثمرة كفاحهم وتعبهم .

في مرة من المرات قال غاندي : لولا المسيحيين لصرت مسيحيا ... فقد قدم له بعض المسيحيين في إنجلترا صورة خاطئة عن المسيحية والمسيح إذ رفضوا جلوسه في الكنيسة لأن المقاعد كانت محجوزة لعدد من اللوردات والجنرالات الإنجليز ومنحوه مقعدا بسيطا علي الباب ليجلس ويستمع .

غاندي لم يكتفي بهذا بل شارك في وفدا هنديا ذهب إلي إنجلترا ليشارك في توصيل رسالة الهند وإحتجاج الهنود علي الإحتلال البريطاني .

كيف كان سيكون حال العالم بدون ما فعله هؤلاء ؟ الكتاب المقدس يسجل كلمات المسيح في الموعظة علي الجبل قائلا : "طوبي لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون" ( متي 5 ) 
طوبي لكل من يصنع سلاما ... طوبي لمن يدافع عن حقوق الأخرين ... طوبي لكل من يضحي بنفسه من أجل الأخرين ... طوبي لمن يحب ويعمل ... في رأيي الشخصي لقد كان غاندي ولوثر وويلبرفورس من رجال الله ... فهل أنت من رجال الله الذين يسعوا فصناعة السلام في العالم وإصلاح المجتمع ؟ أم أنت منعزل ولا تفكر إلا في نفسك ؟

أنا لا أفرض علي أحد أن يفعل شيئا بعينه لكني أقصد أن أوضح أهمية العمل بجانب الصلاة لأني لاحظت في العديد من المؤمنين المسيحيين أن الإكتفاء بالصلاة قادهم للسلبية .

رسالتي موجهة بالأساس لإخوتي المسيحيين ولكن مرحبا بكل قارئ من ديانة أخري ...
إخوتي ... إن المسيحية ليست ديانة الخنوع والخوف والسلبية ...إخوتي  ... بينما العالم يئن ويحتاج للمعونة ولمسات الشفاء أري العديد من أصدقائي المسيحيين غارقين حتي اذانهم في مبدأ الأنامالية ... تؤلمني كثيرا عبارات أسمعها منهم علي شاكلة :
( لا أعرف أحدا من المعتقلين ، أحسن أصل دي فئة خاصة من المجتمع متجيش غير بالتعذيب ، طول ما أنا ماشي في حالي ومبأذيش حد ربنا هينجيني ، العالم ده مش مكاننا لينا وطن تاني ، الكتاب قال إخضعوا للسلاطين والرياسات ، دي مطالب فئوية ، ده ملحد ساب ربنا أدافع عنه أنا ليه ؟ ، ..... )

الكتاب المقدس بالفعل قال إخضعوا للسلاطين والرياسات لكن لم يأمر السكوت علي الظلم والخطأ وإلا كان المسيح نفسه هو أول من عصي الوصية حينما قلب موائد الصيارفة في الهيكل التي كانت تبيع الذبائح وتتربح من خلالها .

أري إنعزالية عن العالم متمثلة في الأية التي يستخدمها العديد من أصدقائي بشكل خاطئ تأكيدا علي مبدأ  الأنامالية والإنعزال وهي الأية في مزمور 1 :" وفي مجلس المستهزئين لم يجلس " ... أقول لكم لو الأمر هكذا لكان المسيح نفسه هو أول من كسر الوصية فقد كان يجلس مع العشارين والزناة ... لقد إعترض تلاميذه في بادئ الأمر عندما سمعوا من أصدقائهم مثل هذا الكلام وأتخيل المشهد كالتالي: الناس : إلحق .. المسيح قاعد بيتكلم مع الحرامية واللي بيمشوا مشي مش بطال ... فيذهب التلاميذ للرب يسوع يشكونه ... التلاميذ : الناس بتقول عليك كلام مش كويس يا رب .. مابلاش القعدة مع الناس دي دول ناس مش كويسة ... فيرد المسيح قائلا ... المسيح : لم أت لأدعوا أبرارا بل خطاة إلي التوبة ( لوقا 5 :32 ) ... إن العالم يحتاج لأخلاق المسيح .

لم يكن المسيح سلبيا .. المسيح إهتم بإحتياجات مجتمعه وشفي المرضي وفتح عيون العمي وأقام الموتي رغم انه كان يعلم أن معظم هؤلاء من شفاهم لن يؤمنوا به وسيطالبوا بصلبه فيما بعد .
لم يكن المسيح سلبيا ولم يكن منعزلا عن العالم وبلده وإحتياجات مجتمعه ... لم يأتي ليصلي فقط ... كان يصلي ويصوم لكنه كان ينزل ويعمل ويشفي ويقيم الموتي ... المسيح كان يلبي إحتياجات المجتمع وبالتالي أتاه الناس ليستمعوا إليه وإلي تعاليمه .

هذا هو مسيحي الذي اتبعه وهذا هو مبدأي .

أري من العديد من المسيحيين إلتزاما بالحضور في مواعيد الكنيسة ولا أري منهم إلتزاما بالعطاء في المجتمع .. أنا هنا لا ادين أحد ولا أطالب أحد بشئ معين
لكن أريد أن اقول أن المسيح لم يلتزم بمكان ويدعوه كنيسة ... بل نزل إلي الشارع ... لا أقول أن الكنيسة كمبني شئ خاطئ ولكن الشارع هو من يحتاج رسالتك وما تتعلمه داخل الكنيسة .
كفي إنعزالا ... المسيح دخل بيت الفريسي وتقابل مع العشار ووقف يدافع عن المرأة الزانية أمام نفاق رجال الدين والدولة ولم يهرب من المواجهات السياسية و واجه هيرودس ووصفه بالثعلب .

في العالم الان مرضي يحتاجون للدعم المادي والمعنوي ، مسجونين يحتاجون للزيارة والتعضيد ، أسري يحتاجون لمن يدافع عن حريتهم وحقوقهم ، ....

.....أين أنت ؟

تذكر من فضلك دائما قول المسيح في ( متي 5 : 16 )  :
" فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالك الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات "

إقرأ أيضا 
 مينا ضياء : مفاهيم سياسية خاطئة عند المسيحيين 
 http://gena7-farasha.blogspot.com/2011/10/1.html

هناك 3 تعليقات:

  1. رسالتك رائعة يا مينا لكن كما قلت أنتَ :مارتن لوثر كنج و أيضا مالكوم أكس قتلا ..عدم وجود قياده ثوريه قادرة على تجميع الناس حولها دون أن تكفر من الكنيسه أو تتعقب أمنياً حلم مستحيل ...و أعتقد أنك لم تعاصر تجسس المباحث علي الأتصالات فى الثمانينات و ما صاحبها من حملات أعتقالات و وضع البابا تحت التحفظ لسنوات !!!وكله تم بالقانون..لا أريد أن أحبطك لكن الوضع محبط فعلا و كل ما يحدث الآن هو عبث و ضحك غلى الذقون كذبة كبيرة و بيبلعوها للناس ...بالمناسبه أنا مسلمة لست مجرد محبطة بل يائسه و كأنى أرى فيلم معاد لقطار العسكر الذى سيمر و لن يسمح ألا لمن يريد بالصعود ..و البعض مصريين على أنتظار القطار و التشاحن على المقاعد و من يجلس فى الدرجة الأولى و من يجلس في السبنسه...و لم يلاحظوا أن القطار مغلق الأبواب على الركاب المحظوظين و المرضى عنهم... لعل أرض مصر في حاجة لأن ترتوى بمزيد من دماء أبنائها قبل أن تصفح عنهم لأهمالهم فى حقها و لكى تمنح شبابها حريتهم الحقيقية...

    ردحذف